تمييز العدد

 تُعَدّ كلمة "تمييز العدد" من أكثر المصطلحات النحوية بحثًا بين الطلاب والمعلمين والباحثين في اللغة العربية، لما تحمله من دقة نحوية وأثر مباشر في صحة التعبير الكتابي والشفهي. ويكمن سرّ أهميتها في كونها الحلقة التي تربط بين "العدد والمعدود"، وتحدد صورة المعدود من حيث الإفراد والجمع، والتذكير والتأنيث، والنصب والجر.  

في هذا المقال الموسوعي المطوّل، سنقدّم معالجة شاملة وعميقة لموضوع "تمييز العدد" بأسلوب علمي مبسّط وإضافة الشروح والأمثلة،وربط القواعد بعضها ببعض، بما يضمن فهماً راسخًا .

تعريف التمييز
تمييز العدد
التمييز في اللغة العربية هو: اسمٌ نكرةٌ منصوبٌ في الأغلب، يُذكر بعد لفظٍ مبهمٍ ليفسّره ويحدّد معناه. 

وعندما يتعلّق هذا التمييز بالأعداد يُسمّى "تمييز العدد"، وهو الاسم الذي يأتي بعد العدد ليبيّن ما الذي عُدّ،

مثل:ثلاثة كتبٍ، عشرون طالبًا، مائةُ رجلٍ.

ولا يمكن فهم باب تمييز العدد فهمًا صحيحًا إلا بفهم أنواع الأعداد أولًا، لأن كل نوع من الأعداد له حكم خاص

 في صورة التمييز وإعرابه.
أقسام العدد 
تنقسم الأعداد في العربية – من حيث أثرها على التمييز – إلى خمسة أقسام كبرى:

1. الأعداد المفردة  
2. الأعداد المركبة  
3. ألفاظ العقود  
4. الأعداد المعطوفة  
5. المائة ومضاعفاتها  

وسنتناول كل قسم على حدة من حيث:

- صورة العدد  

- علاقته بالمعدود (مخالفة أو موافقة)  

- صورة تمييز العدد  

- إعراب تمييز العدد  

- أمثلة تطبيقية دقيقة

العدد المفرد
الأعداد المفردة هي الأعداد من "ثلاثة إلى عشرة"(3-10)، وسُمّيت مفردة لأنها تتكوّن من رقم واحد لفظًا،
 وليست مركّبة من جزأين.وتتميّز هذه الأعداد بقاعدة شهيرة في النحو تُعرف باسم "قاعدة المخالفة ".
ومعنى المخالفة أن:

- العدد يُخالف المعدود في التذكير والتأنيث.

فإذا كان المعدود مذكرًا جاء العدد مؤنثًا، وإذا كان المعدود مؤنثًا جاء العدد مذكرًا.

نقول:

- هذه ثلاثةُ كتبٍ  

كلمة “كتب” جمع مفرده " كتاب" مذكر، لذا جاء العدد “ثلاثة” مؤنثًا بالتاء.

- هذه أربعُ طالباتٍ  

كلمة “طالبات” مفرده "طالبة"مؤنث، فجاء العدد “أربع” مذكرًا بلا تاء.

تمييز العدد المفرد
أما تمييز العدد في هذا النوع فيكون:
- جمعًا
- مجرورًا دائمًا بالإضافة

فنقول:
- اشتريتُ خمسةَ أقلامٍ  
أقلامٍ: تمييز مجرور وعلامة جره الكسرة.
- حفظتُ سبعَ سورٍ  
سورٍ: تمييز مجرور.

وهذه قاعدة لا تتغيّر في الأعداد من ثلاثة إلى عشرة.

ملاحظة: العدد المفرد من ثلاثة إلى عشرة يعرب حسب موقعه في الجملة، أما تمييزه فمجرور دائمًا بالإضافة.
العدد المركب
الأعداد المركبة هي الأعداد التي تتكوّن من جزأين، وهي من:
- أحد عشر إلى تسعة عشر(11-19)

وتنقسم من حيث القاعدة إلى مجموعتين:
المجموعة الأولى: (11 و12)
المجموعة الثانية: (13 إلى 19)

العددان 11 و12 يتميّزان بقاعدة "الموافقة"، أي:
العدد يوافق المعدود في التذكير والتأنيث.

فنقول:
- جاء أحدَ عشرَ طالبًا  
- جاءت إحدى عشرةَ طالبةً  
- فازَ اثنا عشرَ لاعبًا  
- فازت اثنتا عشرةَ لاعبةً  
أما الأعداد من 13 إلى 19 فيجتمع فيها حكمان:
- الجزء الأول (من 3 إلى 9) يُخالف المعدود
- الجزء الثاني (عشر/عشرة) يُوافق المعدود

فنقول:
- ثلاثةَ عشرَ طالبًا  
- ثلاثَ عشرةَ طالبةً  
- خمسةَ عشرَ رجلاً  
- خمسَ عشرةَ امرأةً  
تمييز العدد المركب
أما تمييز العدد في جميع الأعداد المركبة من 11 إلى 19 فيكون:
- مفردًا
- منصوبًا دائمًا

مثل:
- رأيتُ أحدَ عشرَ كوكبًا  
- حفظتُ ثلاثَ عشرةَ آيةً  

كوكبًا وآيةً: تمييز منصوب بالفتحة.

أما من حيث الإعراب:
- الأعداد من 11 إلى 19 مبنية على فتح الجزأين في محل رفع أو نصب أو جر حسب موقعها في الجملة،
- ما عدا العدد 12: فإن الجزء الأول منه يُعرب إعراب المثنّى، والجزء الثاني (عشر) مبني على الفتح 

لا محل له من الإعراب.
ألفاظ العقود
أمّا ألفاظ العقود فهي:
(20 – 30 – 40 – 50 – 60 – 70 – 80 – 90)

وهذه الأعداد لا تخالف ولا توافق، بل تسير على صورة واحدة لا تتغيّر بتغيّر المعدود.

 وهي تُعرب إعراب جمع المذكر السالم؛لأنها من ملحقاته:
- تُرفع بالواو
- وتُنصب وتُجرّ بالياء

فنقول:
- حضر عشرونَ طالبًا  
- كرّمتُ أربعينَ متفوّقًا  
- مررتُ بتسعينَ رجلًا  
وأمّا تمييز العدد مع ألفاظ العقود فيكون:
- مفردًا
- منصوبًا دائمًا

مثل:
- عشرون طالبًا  
- سبعون قصةً  
- تسعون فارسًا  

طالبًا، قصةً، فارسًا: تمييز منصوب.

العدد المعطوف

الأعداد المعطوفة هي الأعداد من:
21 إلى 99 (ما عدا العقود الخالصة)

وهي تتكوّن من:
- عدد مفرد + واو + لفظ عقد  
مثل: واحد وعشرون، خمسة وثلاثون، سبعة وستون.

وفي هذا النوع:
- العدد الأول (1 أو 2) يُوافق المعدود  
- الأعداد من 3 إلى 9 تُخالف المعدود  
- ألفاظ العقود تبقى كما هي من حيث الإعراب فقط  

نقول:
- حضر واحدٌ وعشرون طالبًا  
- قرأتُ خمسَ وثلاثين قصةً  
- رأيتُ سبعةً وستين رجلاً  

أما تمييز العدد في هذا النوع فيكون:
- مفردًا
- منصوبًا دائمًا

مثل:
- جاء واحد وعشرون طالبًا  
- أقيمت اثنتان وثلاثون كليةً  
- هذه خمسة وأربعون كتابًا  
العددان مائة وألف
أما المائة ومضاعفاتها فهي:
100 – 200 – 300 – … – 1000 – 2000 – …

وهذه الأعداد لا علاقة لها بالمخالفة ولا بالموافقة. فهي تأتي على صورة واحدة لا تتغيّر.

فنقول:
- حضر مائةُ طالبٍ  
- قرأتُ ثلاثمائةِ صفحةٍ  
- نجح ألفُ تلميذٍ  

أما تمييز العدد هنا فيكون:
- مفردًا
- مجرورًا دائمًا بالإضافة

مثل:
- مائةُ طالبٍ  
- ألفُ كتابٍ  
- خمسمائةِ صفحةٍ  

أقسام العدد وتمييزه
الخلاصة:
- تمييز الأعداد من 3 إلى 10: جمع مجرور  
- تمييز الأعداد من 11 إلى 99: مفرد منصوب  
- تمييز المائة ومضاعفاتها: مفرد مجرور  

وهذه القاعدة وحدها تختصر أكثر من 70٪ من أخطاء الطلاب في باب تمييز العدد.

الأخطاء الشائعة غي تمييز الأعداد
إنّ الأخطاء الشائعة في تمييز العدد كثيرة، ومن أبرزها:
- قول: ثلاثة كتاب (والصواب: ثلاثة كتب)
- قول: عشرون طلاب (والصواب: عشرون طالبًا)
- قول: مائة طلاب (والصواب: مائة طالب)

ويرجع سبب هذه الأخطاء إلى ضعف الربط بين نوع العدد وحكم التمييز، لا إلى صعوبة القاعدة نفسها.

1
الخلاصة
إن إتقان باب تمييز العدد ليس ترفًا نحويًا، بل هو ضرورة لغوية تمسّ صميم الفصاحة والكتابة السليمة، سواء في التعليم، أو الإعلام،
 أوالكتابة الأدبية، أو المحتوى الرقمي. والكاتب الذي يُحسن توظيف العدد وتمييزه يرسل رسالة واضحة عن عمق ثقافته. اللغوية.
المراجع:

1. عباس حسن، النحو الوافي، دار المعارف، القاهرة، 2003م، ج4، ص 145–190.  

2. ابن هشام الأنصاري، شرح قطر الندى وبل الصدى، دار الكتب العلمية، بيروت، 1998م، ص 210–235.  

3. ابن عقيل، شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك، دار التراث، القاهرة، 1985م، ج2، ص 120–165.  

4. شوقي ضيف، تيسير النحو التعليمي، دار المعارف، القاهرة، 1994م، ص 98–140.  

5. مصطفى أمين – علي الجارم، النحو الواضح، دار المعارف، القاهرة، 2006م، ج2، ص 75–120.

                                     كتبه/ د عبدالعزيز رأفت